بلطجة إيرانية في عرض البحر.. الإفراج عن قبطان وبحار يمني بعد ثلاث سنوات من الاعتقال

أفرجت السلطات الإيرانية عن القبطان اليمني محبوب عبده ثابت ومساعده البحار محمود وحيد، بعد ثلاث سنوات من الاحتجاز في سجون بندر عباس، عقب أن اقتاد الحرس الثوري الإيراني سفينتهما “إريانا” في أكتوبر 2022 من بحر عمان إلى ميناء بندر عباس، بينما كانت تحمل شحنة وقود متجهة من ميناء الشارقة الإماراتي إلى ميناء المخا اليمني.
الإفراج المتأخر جاء بعد معاناة طويلة عاشها البحاران في ظروف قاسية، إذ حكمت محكمة إيرانية بتغريمهما 15 مليون دولار، قبل أن تُبرم تسوية تقضي بإسقاط الغرامة مقابل بيع السفينة وحمولتها من الوقود لتسديد المبلغ المحكوم به، تمهيدًا لاستكمال إجراءات عودتهما إلى اليمن، بحسب ما نقل موقع صحيفة “الثوري” عن أسرهما.
ويقول حقوقيون، إن الحادثة تعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي للبحار، إذ لا تملك إيران أي حق في اعتراض سفينة مدنية تجارية في المياه الدولية، أو احتجاز طاقمها دون مبرر قانوني.
ويعتبر الحقوقيون، أن ما قامت به طهران يدخل ضمن إطار القرصنة البحرية المقنّعة بغطاء سيادي، ويكشف تغوّل الحرس الثوري الإيراني في استخدام أدوات الدولة لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية.
ويقول أحد القانونيون، إنه كان يفترض أن تتدخل الأمم المتحدة والمنظمات البحرية الدولية فورًا لإدانة هذا السلوك، ومحاسبة طهران على انتهاكها حرية الملاحة في بحر عمان.
وتثير الواقعة تساؤلات حول أهداف إيران من احتجاز السفينة “إريانا”، خصوصًا أن مسارها كان متجهًا نحو ميناء المخا غربي محافظة تعز، وهي منطقة خاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية والمقاومة الوطنية، بعيدة عن نفوذ الحوثيين.
ويُرجّح مراقبون، أن طهران أرادت من خلال هذه العملية عرقلة النشاط التجاري للموانئ الواقعة خارج سيطرة وكلائها الحوثيين، ومحاولة فرض حصار اقتصادي غير معلن على المناطق المحررة.
كما أن الاستيلاء على السفينة وحمولتها يندرج ضمن سياسة ممنهجة لابتزاز التجار اليمنيين الذين يفضّلون التعامل مع الموانئ الحرة في المخا بدلاً من موانئ الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون، وهو ما يؤكد أن إيران تمارس “بلطجة بحرية” لتقويض الاقتصاد اليمني الحر، وتغذية اقتصاد الحرب لصالح المليشيات التابعة لها.
ويرى محللون سياسيون، أن تصرف إيران ترسل رسالة مزدوجة، أولاً أنها قادرة على فرض نفوذها خارج مياهها الإقليمية دون رادع، وثانيًا أنها تعاقب كل من يحاول كسر هيمنة الحوثيين على خطوط الإمداد البحري، وهي سياسة تتماهى مع سلوكها الإقليمي العدواني في البحر الأحمر وخليج عدن، ضمن استراتيجية تهدف إلى تحويل المياه الإقليمية العربية إلى مناطق نفوذ عسكري واقتصادي إيراني.
ويقول مراقبون في هذا الشأن، إن الإفراج عن القبطان ومساعده بعد بيع السفينة وحمولتها لا يُعدّ “تسوية قانونية”، بل هو نهب منظم تحت غطاء قضائي، يعكس الوجه الحقيقي للقضاء الإيراني الخاضع كليًا لسلطة الحرس الثوري، فبدلًا من الاعتذار عن الانتهاك، تمت مصادرة الممتلكات وفرض تسوية قسرية لإضفاء الشرعية على جريمة بحرية مكتملة الأركان.
ويختم محللون ومراقبون، بالقول أن ما حدث ليس حادثًا عرضيًا بل جريمة دولية تمس السيادة اليمنية وحرية الملاحة الدولية، وتستدعي موقفًا واضحًا من الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي، مشيرين إلى أن استمرار صمت العالم إزاء هذه الممارسات يشجع إيران على التمادي في قرصنتها، ويضع النظام الدولي أمام اختبار حقيقي حول مدى التزامه بحماية القوانين البحرية ومنع دولٍ خارجة عن القانون من العبث بأمن المنطقة واستقرارها.